«عقبال البلاد اللى جهل حاكمها.. يحسبن العز فى القوات الأمريكية/
وعقبال البلاد إلى شعبها جايع.. والحكومة تفتخر بالطفرة المالية»، كانت الأبيات التى
بسببها أصدرت محكمة التمييز القطرية حكمًا نهائيًّا «لا يمكن نقضه» بالسجن 15 عاما
على الشاعر القطرى محمد بن راشد العجمى، الملقب بابن الذيب، بتهمة التحريض على نظام
الحكم فى قطر.
محامى العجمى اعتبر أن قرار المحكمة «سياسى، لا قضائى»، لأن
قصيدته تناولت أحداث الربيع العربى، مضيفا: «لسنا فى دولة ديمقراطية حتى نستطيع الحصول
على إعادة فتح التحقيق، وموكلى فى سجن انفرادى منذ سنتين».
تعود الواقعة إلى عام 2011 عندما كتب ابن الذيب قصيدة بعنوان
«قصيدة الياسمين» احتفالًا بثورات الربيع العربى، وهذه القصيدة المنشورة على موقع
«يوتيوب» تتضمن إشادة بالانتفاضة التونسية التى أفضت إلى رحيل نظام زين العابدين بن
على، وتمنياته بأن يصل التغيير إلى بلاد خليجية، ملمحًا إلى دولته قطر، وعندما حاكمته
محكمة أمن الدولة القطرية فى 29 نوفمبر العام الماضى، أصدرت عليه حكما بالسجن المؤبد
بتهمة «التطاول على رموز الدولة والتحريض على الإطاحة بنظام الحكم».
الشاعر أورد فى قصيدته أمنياته أن تصل الثورة إلى بلاد «لم
يسمها» قال عنها إنها البلاد التى يحسب حاكمها أن العزّ بالقوات الأمريكية، ومن المعروف
أن قطر تستضيف على أرضها أكبر قاعدة أمريكية فى الشرق وهى «العُديد»، مواصلًا أمانيه
فى بيت آخر أن تصل الثورة إلى النظام القمعى المتوارث، فى إشارة واضحة إلى بلده، التى
يتوارث حكمها عائلة آل ثان.
كانت منظمات دولية قد أدانت منع السلطات القطرية الزيارات
عن الشاعر فى محبسه، وعزله عن العالم الخارجى لمدة أشهر، مضيفة أن محاكمة العجمى شابتها
عدة مخالفات ومن ضمنها أن جلسات المحاكمة عقدت بطريقة سرية.
الغريب أن النيابة القطرية طالبت بتوجيه عقوبة الإعدام على
الشاعر بتهمة «قلب نظام الحكم»، على الرغم من أن المادة الثلاثين من نظام العقوبات
القطرى، ينص على أن عقوبة إهانة الأمير تحمل فى طياتها عقوبة بالسجن خمس سنوات، بينما
أكدت منظمة هيومان رايتس ووتش أنه «لا توجد أدلة على أن العجمى تجاوز حدوده القانونية
عندما مارس حقوقه الشرعية فى التعبير عن آرائه بحرية».
وسبق للأمم المتحدة أن انتقدت الحكم على ابن الذيب، وأعربت
المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للمنظمة المهمة عن «قلقها العميق» لسجن الشاعر
القطرى، الذى ركز دفاعه على «عدم وجود إثبات قاطع بأن العجمى قد ألقى القصيدة التى
يحاكم بسببها فى محفل عام أو أمام الإعلام، وإنما فى شقته بالقاهرة».
المثير للدهشة أنه قد يكون من بين فريق النيابة والمحكمة
التى أصدرت حكمها على العجمى قضاة ومحققون مصريون، هذا ما ألمح إليه الفقيه الدستورى
المصرى محمد نور فرحات، طالبا من جموع القضاة المصريين التحقيق فى الأمر، نظرا إلى
وجود عدد كبير من القضاة المصريين يعملون فى قطر، مشددا على ضرورة أن يتم شطب أى قاض
متورط فى القضية.
يقول نور فرحات: «حصلت على محضر جلسة محكمة الجنايات التى
حكمت على الشاعر بالأشغال الشاقة المؤبدة، فقد تشكلت المحكمة من صلاح الدين حبيب الله
رئيسًا، ومحمد نصر فتحى ومحمد عبد الله الدوسرى، عضوين، ومثل النيابة الرئيس سعد حنيف
وعضوها مصطفى سامى»، موجهًا القضية إلى نادى القضاة المصرى.
العجمى لا ينتظر شيئا سوى عفو أمير قطر تميم عنه، حتى يتمكن
من الخروج مرة أخرى إلى الحياة. هكذا ببساطة تحاكم الدولة التى تتشدق دائما بدعوتها
إلى الحرية والديمقراطية الشعراء، فهم يأمرون بالعدل وينسون أنفسهم.
الياسمين
يا لوزير الأولى يا محمد الغنّوشى
لو حسبنا سلطتك ما هى بدستوريّة
ما بكينا بن على ولا بكينا عصره
نعتبرها لحظة بالعمر تاريخية
ديكتاتورية نظام القمع واستبداده
أعلنت تونس عليه الثورة الشعبية
إن ذَممنا ما نَذِم إلا حقير وواطى
وإن مدحنا نمدح بقناعةٍ شخصية
أجج الثورة بدم الشعب يا ثائرها
وانحت إنقاذ الشعوب لكل نفسٍ حيّة
قلهم فى قول من كفنه يشلّه كفه
كل نصرٍ تستبقه أحداث مأساوية
آه عقبال البلاد اللى جهل حاكمها
يحسب أن العزّ بالقوات الأمريكية
وآه عقبال البلاد اللى شَعْبَها جايع
والحكومة تفتخر فى طفرة المالية
وآه عقبال البلاد اللى تنام مواطن
معك جنسيه وتصبح ما معك جنسيه
وآه عقبال النظام القمعى المتوارث
لا متى وانتم عبيد النزعة الذاتية
ولا متى والشعب ما يدرى بقيمة نفس
هذا ينصب ذا وراءه كلها منسية
ليه ما يختار حاكم بالبلد يحكم لهيت
خلص من نظام السلطة الجبرية
علم اللى مرضى نفسه ومزعّل شعبه
بكرة يجلّس بداله واحد بكرسيه
لا يحَسْب أن الوطن باسمه وباسم عياله
الوطن للشعب وأمجاد الوطن شعبية
رددوا والصوت واحد للمصير الواحد
كلنا تونس بوجه النخبة القمعية
الحكومات العربية ومن يحكمها
كلهم بلا استثناء حرامية
السؤال اللى يؤرّق فكرة المتسائل
لن يجد إجابته من كم جهة رسمية
دامها تستورد من الغرب كل أشيائه
ليه ما تستورد القانون والحرية؟
