نشرت البشاير القصة
التالية ، لتعيد الي ذاكرة المصريين ، كيف تعامل عبد الناصر مع السفير التركي عام
١٩٥٣ : أي منذ ستون عاما بالتمام والكمال .
مافعتله السفيرة
فايزة أبو النجا يعيد الي الذاكرة مافعله عبد الناصر :
لنقرأ القصة الأولي
: عبد الناصر والسفير
في يناير ١٩٥٣
أعلن مجلس قيادة الثورة الغاء النظام الملكي ، وقيام النظام الجمهوري .
كانت العائلة الملكية
في مصر تنتمي من حيث الأصول الي تركيا العثمانية ، وكان هناك علاقات نسب ومصاهرة بين
أمراء العائلة المالكة وبعض العائلات التركية ..
وكان السفير التركي
في القاهرة آنذاك جزءا من علاقات النسب والمصاهرة
ولهذا غضب سيادة
السفير بسبب إلغاء النظام الملكي .
وأدلي بتصرحيات
نارية ضد الإجراء المصري .
وطالب بإعادة النظام
الملكي علي الفور ..
ماذا حدث ؟.
بمجرد نشر تصريحات
السفير في الصحف المصرية ، إستدعي جمال عبد الناصر السفير . وأبلغه وجها لوجه أنه شخص
غير مرغوب فيه . وعليه مغادرة البلاد خلال أربعة وعشرون ساعة ..
في اليوم التالي
تصدرت صحيفة المصري كاريكاتير بريشة أحمد طوغان ..
شالوت جمال عبد
الناصر يحمل السفير الي خارج البلاد ..
القصة الثانية
ينبغي أن تسجل في التاريخ المصري . وأن يحتفي بها المصريين إحتفاءهم بتصرف عبد الناصر
مع السفير التركي ..
التفاصيل سجلتها
السفيرة فايزة أبو النجا ونشرتها علي صفحات المصري اليوم يوم ٣ سبتمبر .
تقول :
من الضرورى الإشارة
إلى أن تجاوزات أردوجان مع مصر ترجع إلى يناير ٢٠١١، حيث بدأ التعامل مع مصر وكأنها
أصبحت أو عادت تابعة للإمبراطورية العثمانية، فهو يقرر موعد الزيارة، ويصر عليها، ويحدد
فعالياتها. فكان الرئيس عبدالله جول أول من زار القاهرة فى ذلك الوقت، ثم جاءت زيارة
أردوجان الشهيرة ترافقه قرينته بعد عدة أسابيع مصحوبا بوفد تأمين قارب على المائة فرد
جاء بمدرعاته المصفحة محملة بمدافعها بحجة انهيار الأمن،
وسار الموكب فى
شوارع القاهرة فى مشهد مستفز، وكان قد أصر أيضا أن تتم الزيارة فى التوقيت الذى اقترحته
أنقرة بالرغم من طلب الجانب المصرى إرجاءها لبعض الوقت، بل أصر أيضا على إلقاء محاضرتين
عامتين فى الأوبرا وفى جامعة القاهرة،
رغم طلب الخارجية
المصرية الاكتفاء بمحاضرة واحدة لتخفيف أعباء التأمين. وقد اتضح بعد ذلك أن جميع ترتيبات
الزيارة كانت تتم مع جماعة الإخوان.
وربما يتذكر القارئ
ذلك الاستقبال الحاشد بما يشبه استقبال الفاتحين على أبواب مطار القاهرة، وأعلام دولة
الخلافة وشعاراتها وإصرار أردوجان على الترجل خلافا لقواعد المراسم، وإلقاء كلمة على
سلالم قاعة كبار الزوار أمام الحشود، بدأها باللغة العربية، فى تنظيم واضح وبما يؤكد
أن تفاصيل الاستقبال معدة ومتفق عليها مسبقا.
وبدأت العنجهية
منذ اللحظة الأولى للزيارة حين حاول الأمن التركى الاحتكاك، ومنع رئيس بعثة الشرف الرسمية
الدكتور محمد سالم، وزير الاتصالات فى ذلك الوقت، والسيدة حرمه من دخول قاعة الاستقبالات
قبيل وصول طائرة أردوجان، وهو ما اعترض عليه الوزير المصرى رافضا فى موقف حازم تصرف
الأتراك، ومذكرا إياهم بالتزام آداب التصرف واحترام قواعد البلاد، ثم طلبه إضاءة أنوار
السيارة التى أقلته إلى الفندق حتى يراه المصريون..
وتتالت بعد ذلك
وعلى مدى يومى الزيارة التصرفات الغريبة والمتعالية حتى من جانب قرينة أردوجان التى
تعددت تعليقاتها السلبية عن مصر والمصريين بما يتعدى حدود اللياقة الدبلوماسية المتعارف
عليها، إلا أن الفاضلة د. نيفين مسعد، أستاذة العلوم السياسية، والدارسة للتجربة التركية،
والمرافقة لها، لم تترك لها الفرصة وردت عليها بحسم وقوة وكبرياء، وهو ما حييتها عليه
فى اليوم التالى.
ولم يتوقف الأمر
عند هذا الحد، فكانت الواقعة التى كنت شخصيا طرفا فيها، وكان ذلك فى المقابلة المقررة
لأردوجان مع السيد رئيس الوزراء المصرى، فبعد استقباله واصطحابه إلى قاعة الاجتماعات،
وقبل أن يتمكن وفد الوزراء المشاركين من دخول القاعة، فوجئنا بأفراد التأمين الأتراك
يقتحمون بهو مجلس الوزراء، ويحطمون الأبواب الزجاجية،
ورغم تصدى أمن
ومراسم المجلس، وعددهم بطبيعة الحال محدود، ورغم محاولة إفهامهم أن الحضور فى القاعة
يقتصر على وفدى المحادثات، فإذا بالأتراك يحاولون اقتحام القاعة عنوة، ويشتبكون بالأيدى
مع رجال الأمن والمراسم المصريين فى اعتداء همجى لم أشهد له مثيلا فى حياتى الدبلوماسية
والوزارية التى شاركت خلالها فى مئات من اجتماعات القمة فى مصر وخارجها.
وعندما طلبت من
السفير التركى أن يتحرك ويوقف رجاله كان رده أنه حاول ولم يستطع! وهنا وجدتنى أندفع
بكل قوة إلى داخل القاعة وقد راعنى ما حدث، وكان رئيسا الوزراء قد أخذا مكانهما للتو
فى القاعة، لأقف أمام أردوجان وأقول له بحدة وغضب إن هذا التصرف الهمجى من وفده مرفوض
رفضا قاطعا، وإنه إن دل على شىء فإنما يدل على سلوك بربرى يؤكد أنه لا تزال أمامهم
مسافة طويلة للتحضر، وأن عليهم أن يدركوا أنهم فى مصر الدولة العريقة المتحضرة المحترمة،
وأن من يحل علينا ضيفا عليه احترام القواعد والقوانين والسيادة المصرية.
وكان أردوجان فى
حالة ذهول حيث لم يكن رئيسا الوزراء قد شاهدا ما حدث خارج القاعة. وقد حاول أردوجان
إعطاء تبريرات تتعلق بعملية التأمين ومسؤولية طاقم الحراسة، وهى تبريرات كلها غير مقبولة
بالطبع. وقد شعرت وقتها بأننى على الأقل «أشفيت بعض الغليل» من تصرفات مرفوضة، فضلا
عن أننى قررت عدم استقبال السفير التركى فى مكتبى إلى أن تركت المنصب الوزارى، رغم
محاولاته المتكررة، وتوجيه العديد من الدعوات من وزراء أتراك لزيارة أنقرة واستانبول
رفضتها كلها.
ثم جاء طلب الجانب
التركى أثناء المباحثات لفتح مكتب للتعاون التنموى فى القاهرة يشرف على متابعة المساعدات
التى ستقدمها أنقرة، وكان طلبا مستفزا، فمن ناحية كان موجعا أن تجد مصر نفسها فى موقف
تحصل فيه على مساعدات من تركيا، ومن ناحية أخرى عندما طلبت موافاتى بقائمة الدول التى
بها مكاتب تركية مماثلة وجدتها تتواجد فى الصومال واليمن والأراضى المحتلة، وبالطبع
كان قرارى كوزيرة للتعاون الدولى هو رفض طلب فتح المكتب وتم إبلاغ ذلك لوزارة الخارجية
المصرية.
أتذكر ذلك كله
لأهمية ربط تصرفات رئيس الوزراء التركى منذ يناير ٢٠١١ بتصريحاته ومواقفه وتجاوزاته
وتطاوله منذ ٣٠ يونيو. فالتعامل مع مصر من جانب أردوجان هو نمط تعامل دولة تظن نفسها
دولة كبرى مع دولة ترى أنها أضعف أو أقل قدرا. فالخط واضح وممتد ومتسق مع ما كان يجرى
تدبيره لمصر.
البشاير