تصاعدت وتيرة الأحداث التى أعقبت قيام الفريق سامى عنان نائب
رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق بنشر مذكراته، حيث أعلن المشير محمد حسين
طنطاوى، وجميع أعضاء المجلس العسكرى السابق غضبهم الشديد من نشر المذكرات وما تضمنته
من وقائع خارجة عن السياق العام.
وذكرت مصادر وثيقة الصلة من المشير حسين طنطاوى، أن الرجل
فى حالة غضب شديدة، من تصرف الفريق سامى عنان وقراره بشكل منفرد نشر مذكراته رغم الاتفاق
المسبق بين جميع أعضاء المجلس العسكرى، على عدم الإفصاح أو نشر أو تسريب أى معلومة
عن اجتماعات أو قرارات وكواليس عمل المجلس الأعلى للقوات المسلحة منذ 25 يناير
2011 وحتى تسليم السلطة فى 30 يونية 2012.
وأوضحت المصادر أن الجميع قرأوا الفاتحة وتعهدوا على عدم
الإفصاح عن ما دار خلال فترة إدارة المجلس العسكرى للبلاد، إلا أن الفريق سامى عنان
قد خالف الاتفاق وقرر نشر مذكراته، فى هذا التوقيت الخطير التى تمر به مصر، وإصراره
على العودة للأضواء الآن رغم صمته التام طوال عام كامل من حكم محمد مرسى.
وقالت المصادر أن المشير حسين طنطاوى تعرض لمغريات ضخمة من
إعلاميين كبار وقنوات فضائية ودور نشر لكتابة مذكراته وشراء الحق الحصرى لها، إلا إنه
رفض كل هذه العروض ملتزما بما تعاهد عليه جميع أعضاء المجلس العسكرى، كما رفض المشير
طنطاوى الرد على سامى عنان، مغلبا المصلحة العليا للوطن، وأيضا عدم تعريض المؤسسة العسكرية
لأية مشاكل.
إصرار الفريق سامى عنان على خوض الانتخابات الرئاسية والظهور
للأضواء، أثار غضب وسخط كل زملائه السابقين بالمؤسسة العسكرية، كما أثارت غضب القيادات
الحالية، وتساءلوا عن السر وراء صمت "عنان" أيام حكم الإخوان وعدم إبداء
رأيه، والانزواء بعيدا عن الأضواء، ثم الظهور بكثافة بعد رحيلهم، مما وضعه موضع الشك
والريبة.
دوائر الشك الذى وضع عنان نفسه فيها من عينة إنه المرشح الخفى
لجماعة الإخوان لمقعد الرئاسة فى الانتخابات القادمة، وأن هذا الترشيح يأتى بتخطيط
من قيادات التنظيم الدولى للجماعة، لضرب المؤسسة العسكرية، ومحاولة تفتيت وحدة صفها،
ولما لديه من خلفية عسكرية تمكنه من كيفية التعامل واختراق القوات المسلحة.
أيضا من دوائر الشك الذى وضع نفسه فيها أن الرجل تربطه علاقات
وثيقة بالولايات المتحدة الأمريكية، وأن زيارته يوم 23 يناير 2011 وقبل ثورة 25 يناير
بيومين تدعم ما يساور العقل من شكوك، وإنه لعب الدور الأبرز فى إجراءات تسليم السلطة
لإدارة شئون البلاد لجماعة الإخوان، بدعم أمريكى كامل.
هذه العوامل أشعلت النار التى ظلت فترة طويلة خامدة تحت الرماد،
وكشفت بما لا يدع مجالا للشك أن الفريق سامى عنان كان له اليد الطولى فى تسليم البلاد
تسليم مفتاح لجماعة الإخوان، وأن الرجل كان له طموحا سياسيا كبيرا، ورسم لنفسه خططا
لتحقيقها، ورأى أن وضع يده مع جماعة الإخوان المسلمين سيمكنه من الوصول إلى "عرش"
مصر، إلا أن الجماعة أدركت خطورة طموح الرجل وتخلصت منه فى الوقت المناسب.
الشواهد التى أعقبت ظهور "عنان" للأضواء من جديد
أكدت إنه خسر البقية الباقية من التعاطف الشعبى معه، وسخط عارم من زملائه بالمجلس العسكرى
السابق، ومعظم العاملين الحاليين بالمؤسسة العسكرية، كما إنه وضع نفسه أمام فوهة مدفع
الاتهامات بنشر مذكراته دون العودة إلى المخابرات الحربية، وهو ما يضعه تحت المساءلة
القانونية.
أيضا عدد من المحامين والثوريين بدأوا فى التجهيز لبلاغات
عديدة سيتم تقديمها ضد "عنان" وفتح ملفات أحداث محمد محمود الأولى والثانية
ومجلس الوزراء، ونتائج التحقيقات التى أجراها القضاء العسكرى حول بلاغ المحامى سمير
صبرى، والذى اتهمه بالحصول على أراضى بالمخالفة للقانون.