الأحد، 26 فبراير 2017

الدولة تنتفض لنصرة الأقباط.. هل يستطيع الأمن إعادتهم لسيناء؟



استغل تنظيم "داعش" الإرهابي تركيز قوات الأمن المصري جهوده في الطرق والأكمنة بشمال سيناء، ووجه عملياته الإرهابية للأقباط المتواجدين هناك، والتي وصلت إلى حد الإبادة العرقية، مما دفعهم للهروب من الموت. 
هذه العمليات الإرهابية التي نفذها عناصر التنظيم الإرهابي استهدفت حرق منازل وممتلكات الأقباط في شمال سيناء، بجانب قتلهم بأبشع عمليات الجرم، والتي كان آخرها أمس الجمعة بذبح فتاة قبطية قرب منزلها بالعريش، وقبلها ذبح والدها فوق سطح منزلهم، وقبل ذلك بأيام كانوا قد أضرموا النيران في ستة آخريين، وغيرها من عمليات القتل والحرق والتي بلغت 18 حالة منذ مطلع 2017.
 
 كل ذلك وغيره أصاب أقباط شمال سيناء بحالة من الفزع، دفعت بعض الأسر إلى مغادرة المحافظة، حتى وصل عدد الأسر التي تركت العريش في الأايم الماضية لـ 45 أسرة، توجهوا معظمهم إلى محافظة الإسماعيلية.
هذا الأمر أغضب الشارع المصري، وأحدث ضجة في الرأي العام، جعلت الدولة بجميع مؤسساتها تنتفض لنصرة الأقباط، ومحاولة "لم الموضوع"، الذي وصل صداه إلى الخارج.
 
فمن جانبه اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم السبت، وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، ووزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق صدقي صبحي، ووزير الخارجية سامح شكري، بجانب رئيس المخابرات العامة،  وناقش معهم آخر التطورات الخاصة باستهداف الاقباط في شمال سيناء من قبل التنظيمات الإرهابية، بجانب الوقوف على حالة الوضع الحالي بالنسبة للأسر التي نزحت إلى محافظة الإسماعيلية، موجهًا باستقبالهم وتسكينهم لحين الانتهاء من التعامل مع العناصر الإرهابية.
 
وفي هذا السياق وجه السيسي بالتصدي لكل محاولات زعزعة الأمن والاستقرار فى مصر، ووأد كافة مخططات هذه التنظيمات لترويع أبناء الوطن الآمنين وتهديد ممتلكاتهم. كما وجه الحكومة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتسهيل إقامة المواطنين فى المناطق التى انتقلوا إليها وتذليل أية عقبات قد تواجههم. 
 
في حين شكل مجلس الوزراء غرفة عمليات، بالتنسيق مع الكنائس المصرية، لحل الأزمة، ووجه المهندس شريف إسماعيل كلًا من غادة والي وزيرة ووزير الشباب والرياضة بالتوجه إلى الإسماعلية، حيث أسر الأقباط النازحين هناك.  
 
وتم توفير أماكن الإقامة المناسبة لاستقبال الأسر في نزل وزارة الشباب والرياضة بالإسماعيلية ومساكن المستقبل التابعة للكنيسة الإنجيلية، وكذا تم توفير مختلف احتياجات الإعاشة من مواد غذائية وأغطية بشكل عاجل، كما يجرى توفير احتياجات تلك الأسر من الأدوية، والتنسيق مع محافظة الإسماعيلية بشأن توفير الرعاية الطبية لهم من خلال فريق طبي من جامعة قناة السويس، فضلاً عن تجهيز عيادة متنقلة.
 
ومن ناحية أخرى كشفت الكنيسة من خلال بيان رسمي لها اليوم، عن أعداد الأقباط الذين انتقلوا من العريش إلى الإسماعيلية، موضحة أن عددهم بلغ 202 مواطن حتى الآن، وتتم تسكين 105 شخصا ببيوت الشباب بالإسماعيلية بالتنسيق مع وزارة الشباب، و60 شخصا بشقق سكنية أجرتها الكنيسة القبطية بعد تزويدها بالأثاث وتوفير كل ما يلزم للمعيشة بها، بينما استقبلت الكنيسة الإنجيلية 37 شخصًا.
 
وفي سياق متصل زارت غادة والي، وزيرة التعاون الدولي، محافظة الإسماعلية لمتابعة أحاول الأسر القبطية النازحة من العريش إلى المحافظة، واجمتعت الوزيرة بالمحافظ وممثل الكنيسة، وأكدت في تصريحات صحفية أنه سيتم إعادة الأسر القبطية النازحة إلى منازلهم لممارسة حياتهم بشكل طبيعي بمدينة العريش، خلال يومين أو 3 أيام على الأكثر، ولكن هل يستطيع الأمن فعل ذلك في تلك الفترة الوجيزة؟
 
العميد محمود قطري، الخبير الأمني، أشار إلى استحالة عودة الأقباط إلى منازلهم بالعريش في الفترة المقبلة، خصوصًا وأنه ما زالت الأوضاع الأمنية في شمال سيناء سيئة للغاية، فلم يحكم الأمن سيطرته على الأمور هناك، لكي يشعر الأقباط أنهم سيعيشون في آمان في تلك المناطق.
 
ولكن قطري لفت في تصريحات خاصة لـ"اليوم الجديد"، إلى الإجراءات التي يجب أن تتخذها الدولة للقضاء إلى البؤر الإرهابية هناك، ومن ثم عودة النازحيين الأقباط إلى منازلهم، وذلك من خلال تكثيف العمليات العسكرية في العريش وسيناء واتباع استراتيجيات وخخط غير تقليدية، مشيرًا إلى ضرورة تغيير الخطط الحالية التي تتبعها قوات الأمن في محاربة الإرهابيين والدواعش هناك، والتي أصبحت حسب وجهة نظره "مكشوفة".
 
الخبير الأمني أشار في حديثه إلى الأكمنة الثابتة التي يتبعها الأمن أصبحت أمرًا تقليديًا مكشوفًا، وأصبح سهل استهدافها، في حين أشار إلى أن الأمن يركز على الطرق الرئيسية والمداخل ويترك التركيز على الداخل والتواجد بين المواطنين، لافتًا إلى ضرور اتباع سياسة عناصر منظومة "الأمن الوقائي"، التي تكشف العناصر الإرهابية المستخبية وسط المواطنيين، ودورها في منع حدوث الجريمة قبل وقعها.
 
وعن العمل الإجرامي الذي أقدم عليه "داعش" تجاه الأقباط في شمال سيناء، مما أسفر عن قتل وذبح الكثير منهم، ومن ثم نزوح الأسر القبطية إلى الإسماعلية، قال قطري "إنه عمل خبيث واتجاه ماكر من الدواعش، للفت أنظار العالم إلى قضية سيناء، وأيضًا لإحداث الفتنة الطائفية بالبلاد، ومن ثم إحراج الدولة المصرية في الأوساط العالمية، وتوصيل صورة سيئة عن المنظومة الأمنية بعدم إحكام السيطرة في سيناء وحماية المواطنينن هناك".
 
في حين أشار إلى ضرورة أن تسند الدولة مهمة محاربة الإرهابين في سيناء إلى الشرطة، مشيرًا إلى قدرتهم في التعامل مع حرب العصابات، والعناصر الإجرامية الخفية، موضحًا في حالة إذا كان الأمر خارج قدرتها العسكرية، فلا مانع من استدعاء قوات الجيش، بحيث يكون هناك تعاون بين المنظومتين.
 
ومن ناحية لفت القطري إلى أن قضية الفرار من سيناء، هي قضية قديمة، ولم تحل بعد، بسبب عدم التنمية الاقتصادية، وعدم التعمير وعمل مشاريع استثمارية تنموية تدفع المواطنين للهجرة إليها، بجانب الفجوة الموجودة بين الدولة والمواطنين هناك.