تبدأ القصة منذ
عام مضى، حينما كان يجلس الجد "جحا" مع نجله بدران وبصحبتهما جارهما محمود
شمس في إحدى جلسات السمر، وفيها طلب محمود من الحاج جحا خطبة حفيدته إيمان 9 سنوات
لنجله شمس 12 عاما، فيجيب الجد في اللحظة والتو ليقرر إقامة الخطبة بعد عام من اتفاقهما،
لكن العمر لم يكن فيه بقية ويتوفى الحاج جحا بعد أربعة شهور من اتفاقه، ويترك وصيته
بإقامة الحفل في موعده. ويحين الموعد، ليتهيأ
الجميع إلى إقامة حفل الخطوبة كل يقوم بدوره ويقدم مجاملته، العم يجهز المقاعد والجار
يقدم الأنوار والخال يستحضر مكبرات الصوت، والأحباب يتسارعون لتقديم المساعدة في الحفل
وكل يسير على قدم وساق ليحل الليل بظلامه وتضيء المصابيح أنوارها، وتهتز المنازل من
صوت المكبرات ويرقص العريس الطفل مع عروسته ويحتضها ويلف بها في فيديو شهير قارب المليون
مشاهدة على الشبكة العنكبوتية بعد أيام من الحفل. 100 جرام ذهبًا بكلفة 40 ألف جنيه،
هي "شبكة" إيمان أصغر عروس في حفل شهدته مركز ومدينة السنبلاوين بمحافظة
الدقهلية على عريسها الطفل شمس، "هما متربيين مع بعض، واحنا عشرة عمر من زمان"،
هكذا يصف بدران جحا والد العروس العلاقة التي جمعت بين أسرته وأسرة والد عريس نجلته،
والتي تزداد توطيدا أكثر بمرور الأيام والسنوات، فلم يكن العمل والتجارة فقط تجمع بينه
وبين صديقه محمود بل كانت الحياة الأسرية أشبه ما تكون في منزل واحد، يتفرقا عندما
يحين ميعاد النوم.
شمس عيل جدع وابن
حلال وبعتبره ابني بالضبط، والبنت عندنا بتتخطب بدري لكن مش بيتجوزا إلا بعد سن الجواز"،
ينفي والد العروس مخالفته للقانون ليؤكد أن حفل الخطوبة فقط لإعلام الأهل والجيران
بارتباط نجلته لنجل رفيق دربه، ومؤكدًا أن حفل الزفاف لم يتم إلا بعد انتهاء نجلته
من دراستها وتجاوز سن الزواج، مشيرًا إلى أن العروسين تربيا مع بعضهما في منزل واحد،
وتشاركا اللعب والمزح منذ سنوات. يلتقط محمود شمس والد العريس أطراف الحديث من نظيره،
"لم يحدث جديد بعد الخطوبة ولم تضف شيئًا وعلاقتنا طيبة قبل وبعد الخطوبة"،
ليؤكد أنه أصر على الخطبة لإعلام الجميع بالاتفاق وليحول دون قدوم آخر لخطبة العروس
إيمان، رغم صغر عمرها البالغ 10 سنوات، "علاقاته الشخصية مع شباب ورجالة أكبر
منه رغم أن عمره 13 سنة وفي أولى إعدادي"، فرغبته في العمل وتحمل المسؤولية وطبيعة
أوقاته التي يقضيها مع والده في السوق منحته فرصة جيدة ليتعلم فنون تجارة السيارات
والدرجات النارية والـ"تكاتك"، إضافة إلى محصول لا بأس به من كيفية التعامل
مع الكبار والحديث على طريقة "ولاد السوق". يستكمل والد العريس "العيل
البايظ ملوش مكان بينا، وشمس راجل وبيتحمل المسؤولية"، مشيرًا إلى أنه قليل اللعب
مع زملائه وعلاقاته أكبر من عمره، فلم تؤثر حياته العملية على دراسته، مؤكدًا تفوقه
الدراسي وشهرته بين زملاء المدرسة الذين لم يلتق بهم إلا في أوقات الدراسة فقط.
"الفرح كبر وخد أكبر من حجمه"، ينتقد محمود مبالغة البعض وتناول فيديو خطوبة
نجله بالسخرية والاستنكار، مؤكدًا أن الأمر لا يزيد عن كونه رغبة في الفرحة والبهجة
بعروسين صغيرين، قرر أهلهما أن يرتبطا ببعضهما، وأوضح أنه أصر على تقديم "شبكة"
إلى العروس لأنه من خارج العائلة ولم يكتف فقط بالحديث مع الجد جحا ونجله والد العروس،
مؤكدًا في ذات الوقت ترك الحرية للعروسين في استكمال الارتباط أو إنهائه قائلًا
"لا قدر الله لو أي حاجة حصلت وحشة وهي مش عايزة شمس أنا اللي همانع، مهي بنتي
في الاول والآخر". وأضاف محمود أنه قرر أن يكون الحفل "على الضيق"،
بداخل منزل رفيقه بدران والد العروسة إلا أن عدد أهلهما الذين لم يتسع لهم المنزل فقرر
إقامته في الخارج، واستحضار عدد من المقاعد، ثم تلقى تهنئة ومجاملات من الجيران والأحباب
الذين أحضروا الإضاءة ومكبرات الصوت، وبادر أخوه بشراء بدلة له ونقله في سيارة مزينة،
وتقرر زوجته شراء فستانًا لعروس نجلها، ولتتم مراسم الخطوبة بمراحلها الكاملة، ليشارك
فيها مئات الأهالي والجيران. يعود بذاكرته عامًا إلى الخلف، "بعدما اتكلمت مع
الحاج جحا عن خطوبة إيمان، صارحت شمس وقلتله"، مشيرًا إلى أنه أخبر نجله في الحال
بعد اتفاقه على خطبة الطفلة إيمان، مؤكدًا موافقة نجله على اختياره "أنا ما صدقت
ابني وافق"، مشيرًا إلى أنه بدأ في بناء منزلاً لنجله عقب الخطبة مباشرة، حيث
بدأ في بنائه على قطعة أرض يملكها في قرية السنبلاوين، كما أشار إلى أن علاقة العروسين
تغيرت بعد الخطبة، وبعد أن كانا يتشاركان اللعب مع بعضهما، بدا الاستحياء والخجل واضحًا
على الطرفين، لترفض الجلوس بجواره بعد أن كانا يمزحان مع بعضهما ويلعبان حتى بـ"الضرب".
"والله ده رأي ماما وبابا"، هكذا جاء رد الطفلة إيمان أصغر عروس، عن رأيها
في حفل خطبتها، مشيرة إلى أنها تلتزم برأي والداها طالما اتفقا على ذلك، معربة عن فرحتها
بيوم الحفل، ومؤكدة أنها علمت بخطبتها في صباح ذات اليوم، وأن 15 من زملائها الأطفال
حضروا خطبتها وشاركوها فرحتها، وقالت إن علاقتها مع عريسها شمس علاقة أخوة، ولكنها
أصبحت تخجل منه بعد خطبتها. أما العريس شمس، فقد أكد اختلاف معاملته مع إيمان، بعد
خطوبته منها، قائلًا "احنا كبرنا خلاص"، مشيرًا إلى أنه يولي اهتمامًا للعمل
والدراسة ليكتسب مهارة والده في التجارة، وليتخرج من كلية الهندسة بحسب أمنيته أن يكون
مهندسًا ميكانيكيًا، "علشان بفهم في العربيات".
من الشأن نفسه،
انتقد حمادة جحا عم العروس، تناول الإعلام لخطبة ابنة أخيه، مشيرًا إلى أن إحدى القنوات
تناولت القضية بالسخرية والنقد، واتهامهم بالانتماء لجماعة الإخوان والزواج المبكر
للأبناء، متابعًا "نشرت الصبح القناة فيديو الفرح اللي اتنشر على النت، وراح مذيع
في القناة يسبنا وخلانا إخوان وخرفان"، نافيًا انتماءه لجماعة الإخوان المسلمين،
ومؤكدًا دعمه للفريق عبدالفتاح السيسي، وانتخاب الفريق أحمد شفيق في الانتخابات الرئاسية
السابقة، مطالبًا بمنظارة القناة في الاتهامات التي وجهتها لقضية العروسين، مؤكدًا
التزام الأهل بالسن القانوني للزواج، وأن ما يحدث هي عادات وتقاليد توثق الاتفاقات
والتعهدات التي تمنحها العائلات.
مصدر الوطن